لقد قام العمانيون بدور رئيسي في حركة الفتوحات الإسلامية في عهد الخليفة عمر بن ‏الخطاب , وكان لهم الفضل في حماية الحدود الجنوبية الشرقية من الدول الإسلامية ‏عندما تصدوا ببسالة لمحاولات الفرس للإستيلاء على بعض مناطق الخليج .‏

وتذكر المصادر أن الخليفة عمر بن الخطاب عقب معركة جلولاء 16هـ/637م أرسل ‏عثمان بن أبي العاص الثقفي لمحاربة الفرس الذي حاولوا عبر الخليج إلى الشاطئ ‏العربي , ولبى العمانيون دعوة الجهاد وأجتمع لعثمان نحو ثلاثة الآلف مقاتل وعبر بهم ‏عثمان من جلفار إلى جزيرة أبن كاوان حيث أجبر قائد حاميتها الفارسي على الإستسلام ‏وأرسل كسرى الفرس إلى واليه في كرما يأمره بالسير لمقاتلة العمانيين وطردهم من ‏الجزيرة ولكنه هزم هزيمة منكرة وقتل قائد الحملة الفارسي وكان هذا الإنتصار حاسماً ‏لدرجة أن الفرس لم يعاودوا المحاولة مره أخرى , ولم تقتصر جهود العمانيين على ‏حماية حدود الدولة العربية الإسلامية من جهة الخليج بل شاركوا في الفتوحات ‏الإسلامية على الجبهة العرافية وبلغ من كثرة الأزد العمانيين أن خصص لهم حي ‏خاص بهم في البصرة بعد إنشاء المدينة في زمن عمر بن الخطاب .‏

ومن عمان إنطلق عثمان بن أبي العاص ليغزو الهند وتشير المصادر التاريخية إلى أن ‏دولة الخلافة وخاصة في العصر الراشدي والأموي قد أعتمدت على عرب عمان في ‏غزو الهند فنجد أسماء كثيرة من العمانيين في قيادة الحملات العسكرية في مكران ‏والسند , بل إن الحملات التي غزت الهند في زمن معاوية بن أبي سفيان قد ضمت ‏كثيراً من العمانيين قاطني البصرة , بل والمثير أيضاً أنه حينما اسند معاوية قيادة تغرة ‏الهند إلى راشد من عمرو الحديدي 48هـ/667م وبوصول راشد إلى هذا الثغر لقي ‏سنان بن سلمة في إشراف من عرب عمان واعجب راشد كثيراً بشخص سنان وأثنى ‏على أخلاقه وتوطدت بينهما صداقة نجم عتها تعاون كامل بين القوات الأموية والقوات ‏العمانية التي كانت تحت قيادة سنان وكانت تقوم بنفس المهمة التي كانت تقوب بها ‏قوات راشد وتمكنت القوات العربية من إجبار سكان جبال الباية من دفع الجزية وحققت ‏نصراً آخر داخل أرض القيقان أسفرت عن كثير من الفيء والغنائم ثم دخلت القوات ‏العربية ولاية سجستان ووقعت معركة غير متكافئة حشد فيها الهنود أكثر من خمسين ‏ألف مقاتل وإستشهد راشد بن عمرو وتولى بعده سنان بن سلمة .‏


وفي الفترة ما بين 65هـ إلى 78هـ ظهرت في منطقة ثغر الهند قوة عربية لا تدين ‏لنفوذ الأمويين وهي قوة معاوية ومحمد أبنى الحارث اللافيين وهما كما ذكر البلاذري ‏من أزد عمان وقد نجحت هذه القوة في السيطرة على مكران والسند على مدى ثلاثة ‏عشرة سنة .‏

وقد شهد ثغر الهند كذلك مأساة أبناء المهلب بن أبي صفرة وأسرته , فتذكر المصادر ‏أنه أثر الصدام بين يزيد بن المهلب بن أبي صفرة والذي كان والياً على العراق ‏وسليمان بن عبدالملك منذ 96هـ/715م وبين جيوش يزيد الثاني بن عبدالملك بن ‏مروان 102/720م فر الناجون من القتل من أبناء المهلب وهم مدرك والمفضل ‏وعبدالملك وزياد ومعاوية ومن بقي من آل مهلب وركبوا البحر إلى قندابيل حالياً جافادا ‏في باكستان ولكن خيانة وداع بن حميد الأزدي عامل الأمويين في قندابين قد أودت بآل ‏المهلب من خلال ملحمة دموية رهيبة .‏

وإذا كان عرب عمان لهم دورهم الكبير في ثغر الهند كمحاربين وبحارة إلا أن دورهم ‏الحضاري كدعاة ومبشرين بالأسلام كان هو الدور الفاعل والهام نظراً لكونهم أكثر ‏التجار المسلمين معرفة بالهند وثقافاتها وأكثر العرب وروداً على هذه البلاد , لذا فقط ‏أقاموا مؤسساتهم التجارية والثقافية ليس في الهند فقط بل في الجزر المحيطة بها مثل ‏سرنديب (سيلان) التي نجح العمانيون في نشر الإسلام فيها منذ وقت مبكر ولولا التدخل ‏البرتغالي مع بداية القرن السادس عشر لكانت هذه الجزيرة قد تحولت جميعها إلى ‏الإسلام كما حدث في جزر المالديف التي عرفها العمانيون منذ فترة مبكرة من التاريخ ‏الإسلامي .‏

لم يتوقف العمانيون عند الهند وسرنديب والمالديف وإنما إمتد نشاطهم التجاري ‏والحضاري عبر خليج البنغال إلى أرخبيل الملايو التي أسماها العمانيون (كله) أو (كله ‏بار) وكانت السفن العمانية تأتي إلى أرخبيل الملايو بقصد التجارة والمرور منها إلى ‏بلاد الصين وأن ميناء كله كان مجمع الأمتعة من أعواد الكافور والصندل والعاج ‏والرصاص والقصدير والأبنوس وورد إشارات كثيرة إلى وصول السفن العمانية إلى ‏سنغفورة أو كما كانت تسمى (صندابور) .‏

لقد نجم عن هذا النشاط العماني أن تكونت جاليات ومدناً عمانية في بلاد الملايو وفي ‏غيرها من جزر الأرخبيل وأمتد النشاط العماني إلى بلاد الصين , حيث وصلت ‏رحلاتهم إلى خانفو (كانتون) وتعاظم دورهم بشكل ملحوظ في القرن الثالث الهجري ‏ووصلوا إلى أقصى شمال الصين إلى مدينة قانصو وبلاد الشيلا التي يعتقد انها كوريا ‏أو اليابان ومن أوائل التجار العمانيين الذي وصلوا إلى بلاد الصين أبوعبيدة عبدالله بن ‏القاسم الذي وصل إلى كانتون حوالي 133هـ/750م والذي يعتبره البعض أول إنسان ‏عماني يصل إلى الصين بينما يعتبره المؤرخون الصينيون أول عربي مسلم يصل إلى ‏هذه البلاد .‏

وكان من مظاهر إرتفاع شأن الإسلام والمسلمين في بلاد الصين ما يرويه لنا إبن ‏بطوطة وكذلك الشريف تاج الدين السمرقندي الذي زار الصين في القرن الرابع عشر ‏الميلادي من إنه رأى المسلمين يحظون بقدر كبير من الإحترام والتقدير لدرجة أنه إذا ‏قتل وثنى صيني مسلماً كان الوثنى يقتل هو وأهل بيته وتصادر أمواله , وإن قتل مسلم ‏وثنياً لا يقتل به بل يطالب بدفع ديته التي كانت لا تزيد عن تقديم حماراً لورثته .‏

وإذا كان العمانيون قد ساهموا بشكل فعال في التمكين للإسلامن في بلاد آسيا فإن ‏العمانيين أيضاً شاركوا في الفتوحات الإسلامية في الجناح الغربي من العالم الإسلامي ‏إذ تذكر المصادر التاريخية إنهم شاركوا في فتوح المغرب والأندلس وقد أفاد معاوية بن ‏أبي سفيان من خبرتهم عند شروعة في إنشاء أسطول بحري وكان لنواخذتهم براعة في ‏قيادة السفن المعروفة بالتيرماهية إلى الهند ومياه بحر الزنج وهذا يفسر إعتماد معاوية ‏بن أبي سفيان على الأزد في قيادة اسطول المسلمين في عهده فظهرت شخصية جنادة ‏بن أبي أمية الأزدي الذي غزا قبرص ورودس وسفيان بن مجيب الأزدي الذي حاصر ‏طرابلس الشام من البحر وتمكن من إفتتاحها سنة ست وعشرين للهجرة .‏






أحدث المواقع
مواقع مميزة
ولايات نشطة



تابعنا على