تتميز السلطنة بثراء تاريخي بحري ، ينسج على عباءة التاريخ بأحرف ‏من ذهب أمجاداً بحرية ، سطرتها الأشرعة ، والسواعد السمر ، التي رفعت ‏مجد عُمان ، مع أرتفاع شراع كل سفينة . وعبر آلاف السنين ، قامت في ‏أنحاء السلطنة صناعات بحرية متقدمة ، في ذلك الزمن ، حيث يعود تاريخ ‏الملاحة البحرية في عُمان ، إلى أقدم عصور التاريخ ، منذ المحاولات الأولى ‏التي قام بها الإنسان لشق مياه البحار ، بإستخدام الصاري والشراع . ولما ‏كانت عُمان ، تقع على ملتقى طرق بحرية هامة ، تربطها بالخليج والهند ، ‏والبحر الأحمر وأفريقيا الشرقية ، ومنذ ذلك الحين والعمانيون يلعبون دوراً ‏هاماً في تاريخ الملاحة البحرية في المنطقة سواء على صعيد الملاحة التجارية ‏، أو على صعيد بناء السفن وتصميمها . ‏

ويفضل صناعة السفن المتقدمة ، في ذلك الزمن ، أصبحت عُمان ‏أول دولة غير أوروبية يصل نفوذها إلى أفريقيا ، ويستمر هناك مئات السنين ‏‏. كما كانت في فترات أخرى ، قوة بحرية سياسية مؤثرة إمتدت علاقاتها ‏وصلاتها إلى الصين ، والولايات المتحدة ، وبريطانيا ، وفرنسا ، وشكلت ‏البحرية العمانية ، عبر تاريخ عُمان المديد ، اليد الطولي والقوية لها كانت ‏أداة إقتصادية هامة ، وأسهمت في إزدهار عُمان الاقتصادي ، سواء عن ‏طريق التبادل التجاري ، الداخلي والخارجي والنقل ، أو صيد الأسماك ، ‏ومحار اللؤلؤ . وما السفينة الحربية سلطانة ، التي أرسلت إلى ميناء نيويورك ‏في الولايات المتحدة ، تحمل هدايا السيد سعيد بن سلطان للرئيس الأمريكي ‏، إلا شاهداً جلياً على عظمة الأسطول العماني في ذلك الوقت . ‏

وتستخدم في عُمان طريقتان لصناعة السفن ، حيث تعتمد الطريقة ‏الأولى على وضع الألواح جنباً إلى جنب ، حيث تثقب على مسافات ‏بمثقاب يدوي دقيق ، ثم تستخدم هذه الثقوب لشد الألواح بواسطة الحبال ‏المصنوعة من ألياف (جوز الهند) ، ثم يجري تغليف هذه الثقوب بإستخدام ‏مزيج من الليف ، أو القطن الخام المشرب بزيت السمك ــ أو زيت جوز ‏الهند أيضاً ــ أو زيت السمسم . وقد أكد الجغرافيون العرب ، مثل ‏الإدريسي وابن جبير ، اللذان يعتقدان أن المراكب المخرزة بالليف ، ذات ‏القيعان المفرطحة ، أكثر مرونة وأمناً إذا أصابت قاعاً قريباً ، فإصطدمت ‏بالصخور ، أو جلست عليها ، مما لو كانت مثبتة بمسامير حديدية . ‏وتعتمد الطريقة الثانية (طريقة المسامير) ، وهي طريقة تقليدية متشابهة ــ في ‏جوهرها ــ مع مناطق الخليج العربي ، وكذلك مناطق البحر الأحمر . ‏

ومن أهم الأخشاب المستخدمة في صناعة السفن : (الساج ــ ‏البنطيق) والتي تستورد من الهند بالإضافة إلى أشجار (القرط والسد ‏والسمر) الموجودة في السلطنة ، والتي يصنع منها ضلوع السفينة . أما ‏الأدوات المستخدمة في بناء السفن فجميعها بدائية وبسيطة كالمطرقة ‏والنشار ، والمثقاب الخيط والقوس والأزميل ، والسحج وحديدة القلفطة . ‏

وتتميز السفن العمانية بتعدد أنواعها وأشكالها ، بعض منها لم يعد ‏مستخدماً الآن ، والبعض الآخر لا يزال مستخدماً وتتميز السفن العمانية ‏الصنع عموماً بالمتانة والقوة ، وتتراوح أعمار بعضها ما بين 60 ــ 100 سنة ‏‏. وكانت موانئ (صور ومطرح ومسقط وشناص) من أهم أحواض بناء ‏السفن ، ومن أشهر السفن العمانية (البغلة ، الغنجة ، البوم ، السنبوق ، ‏والجلبوت ، وابو بوز ، والبتيل ، الهوري ، والبدن ، والشاشة ، والماشوة ) ‏‏. ‏

وللسفن أنواعها وأحجامها ، فالسفينة (البغلة)، وهي الأكبر ، يبلغ ‏طولها 135 قدماً ، وتتراوح حمولتها ما بين مائة وخمسين وأربعمائة طن . ‏ومركب (الغنجة) تبلغ حمولتها بين مائة وخمسين وثلاثمائة وخمسين طناً ، ‏ويستغرق بناؤها بين 9و10 أشهر ، ومركب (السنبوق) ، ويمتاز بعدم ‏إستخدامه للمسامير ، وهو أهم المراكب العمانية ، لعراقته في القدم ويوجد ‏تعليمات الأستاذ حرفياً ، والأستاذ بدوره يستمع بإحترام إلى ملاحظات ‏الجلاف . ‏

وتحرص الحكومة على تشجيع بناء مجسمات صغير للسفن العمانية يتم ‏الإستفادة منها في أعمال الديكور والمشاركة في المعارض داخل وخارج ‏السلطنة . كما أن النشاط السياحي البحري المتنامي في البلاد قد زاد من ‏حجم الطلب على بعض الأنواع من السفن ، بالإضافة إلى الإقبال على ترميم ‏السفن القديمة ، والاستخدام المتنامي للسفن الكبيرة في صيد الأسماك . ‏






أحدث المواقع
مواقع مميزة
ولايات نشطة



تابعنا على