مع مطلع عام 1189هـ/1775م أعد كريم خان جيشاً فارسياً قدر بثلاثين ألف مقاتل ‏تحت قيادة أخيه صادق خان بهدف إحتلال البصرة بحجة سوء المعاملة التي يلقاها ‏الفرس والضرائب التي تفرض عليهم وهم في طريقهم إلى الأماكن المقدسة في النجف ‏وكربلاء , لذا فقد بعث كريم خان للباب العالي طالباً رأس عمر باشا (والي بغداد) وهدد ‏بغزو العراق إذا ما رفض طلبه , وكان من الصعب على الباب العالي أن يستجيب ‏لشروط كريم خان , التي كانت بمثابة مقدمات طبيعية لتبرير العزو .‏

ومع مطلع عام 1775م وصلت القوات الفارسية إلى البصرة التي حمل لواء الدفاع ‏عنها سليمان آغا بمساندة أهلها وضرب حصاراً حول البصرة لأكثر من عام , وظل ‏الأسطول الفارسي يقذف المدينة بنيران مدافعه وأدرك قائد حاميتها أنه لن يستطيع ‏الإستمرار خصوصاَ وأن والي بغداد الجديد (مصطفى باشا) قد إعترف بعجزه عن إمداد ‏المدينة المحاصرة بإحتياجاتها من المؤن والاسلحة .‏

ولم تجد القبائل العربية في البصرة حرجاً من الإستنجاد بالإمام احمد بن سعيد الذي ‏وضع إمكانات بلاده تلبية لنداء أخوانه في البصرة وأعد أسطولاً من ثمانين قطعة بحرية ‏تتقدمهم سفينة الإمام المسماه بـ (الرحماني) وقاد الإسطول هلال بن الإمام أحمد بن ‏سعيد .‏

وعندما وصل الإسطول العماني إلى مصب شط العرب وجد سلسلة حديدية منصوبة ‏على النهر كان الفرس قد وضعوها على جانبي النهر ليحولوا دون وصول العون إلى ‏المدينة المحاصرة ووضعوا حامية كبيرة مزودة بالمدافع , لذا فقد إضطر الإسطول ‏العماني إلى الإنتظار في ملاذ أمين لعدة أيام , وبعد دراسة الموقف إستطاع الإسطول ‏العماني أن يشق طريقة تتقدمه سفينة القيادة الرحماني التي تمكنت من قطع السلسلة ‏الحديدية والدخول إلى شط العرب .‏

وعلى الرغم من نيران المدفعية الفارسية التي صوبت نحو العمانيين إلا أنهم قد تمكنوا ‏من دخول شط العرب في منتصف عام 1775م .‏

لعل أصدق ما قيل في هذه المناسبة ما قاله شيخ قبيلة المنتفق حينما ألتقى بهلال إبن ‏الإمام أحمد حيث قال : (ياخوي نحن سقماء وأنتم حكماء , داوونا والمعافي هو الله) , ‏لعل هذه العبارة تلخص بوضوح دلالة هذه النجدة العمانية وإهميتها وهي تجربة عربية ‏رائدة نحن في أشد الحاجة إلى إستنطاق معانيها وإعادة تذكرها .‏


لم يكن في إستطاعة قوات صادق خان أن تحول دون إنزال المؤن والرجال إستعداداً ‏لشن هجوم كبير على القوات الفارسية في اليوم التالي , وفي المعركة الضارية التي ‏دارت بين الطرفين شعر القائد الفارسي بتصميم العرب على الإنتصار , لذا فقد أعلن ‏عن منح جنودة مكافاة مقدارها ثلاثة تومانات لكل شخص يقتل وخمسة لكل أسير , لكن ‏كل هذه المحاولات لم تحقق نتائج إيجابية حيث التحمت القوات العربية والفارسية ودار ‏بعضها بالسلاح الأبيض وإذا كان الحصار الفارسي قد فشل إلا أن مخاطره كانت ما ‏تزال متوقعة بسبب المساعدات الكبيرة التي راح يبعث بها كريم خان بينما أخذت تتدفق ‏المساعدات العمانية وإستمرت الإشتباكات لعدة شهور أخرى .‏

لقد حقق الإسطول العماني الحماية الكاملة لمنطقة شط العرب وأمن المساعدات القادمة ‏من عمان وفي أوائل عام 1776م إنسحب الإسطول العماني عائداً إلى بلاده خوفاً من ‏أن تكون فارس تعد العدة للهجوم على عمان . ‏

لقد كان إنقاذ البصرة وأهلها من الهجوم الفارسي سبباً كافياً لتقدير العثمانيين الدور ‏العماني لذا فقد تقرر أن تمنح عمان مكافأة سنوية من خزانة البصرة وقد إستمرت هذه ‏المكافأة منذ عهد الإمام أحمد بن سعيد وحتى عهد السيد سعيد بن سلطان .‏






أحدث المواقع
مواقع مميزة
ولايات نشطة



تابعنا على