‏" كادت المها العربية أن تصبح في عداد الأنواع المنقرضة من الحيوانات والتي ترى فقط في ‏الكتب المتعلقة بعلم الحيوانات ، بعد إنتشار ظاهرة الصيد الجائر " .‏

يعيش حيوان المها في مواطن طبيعية ذات أجواء قاسية وأراضي قاحلة تفتقر إلى المياه ، ‏يتعين عليها أحياناً قطع مسافات لا تقل عن 155 كلم تحت أشعة الشمس الحارقة بحثاً عن ‏مصادر أخرى للمياه والبقاء لمدة 22 شهراً دون ماء . ‏

وقد قضي على آخر قطيع من المها في السلطنة بسبب الصيد العشوائي في الفترة ما بين ‏‏1972 و 1974م إفتقدت بعدها الحياة البرية جمال المها الآخاذ المتلائم مع البيئة الصحراوية حتى ‏جاءت المبادرة الأولى من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه ‏الله ــ بتوجيه المختصين إلى ضرورة إعادة توطين المها العربي . ‏

وكانت مجموعة من الهيئات العالمية قد قامت عام 1970م بإصطياد 3 رؤوس لإنقاذ ‏هذا النوع النادر من الحيوانات وتأمينه حتى تسنح ظروف إعادة توطينه في موطنه الأصلي . ‏

وفي مارس 1980م وصل إلى السلطنة أول قطيع للمها من حديقة حيوانات فينكس بولاية ‏أويزنا الأمريكية لإعادة توطينها وتربيتها في منطقة جدة الحراسيس بالمنطقة الوسطى ، نظراً لما ‏تتمتع به من بيئة صالحة للمها حيث تكثر بها النباتات التي تسقى من الضباب القادم من البحر ‏بالإضافة إلى وجود الكثير من أنواع الحياة الفطرية . ‏

وبعد مرور عامين على إعادة أقلمة المها ورعايتها في الحجز تم إطلاق سراحها لتعيش ‏مجدداً في مواطنها الطبيعية . ‏

ونظراً للإهتمام الكبير الذي أبداه جلالة السلطان المعظم تجاه إعادة توطين المها العربي ، ‏فقد أصدر جلالته مرسوماً سلطانياُ سامياً عام 1994م بإعلان منطقة جدة الحراسيس محمية ‏طبيعية للمها العربي . ‏

وقد برزت أهمية هذا الإعلان في أعقاب عودة الصيد غير المشروع للمها من جديد بعد ‏إقامة مشروع إعادة توطينها حيث تم الإستعانة بالسكان المحليين وتعيينهم كمراقبين للمحمية ‏وحراستها بإستمرار ، الأمر الذي ساهم بشكل سريع في توقف هذا التعدي على المها . ‏

وعلى مدى السنوات الماضية ، إمتداد فوائد المحمية لتشمل القطاع السياحي في السلطنة ‏، حيث بدأ القائمون على السياحة بتنظيم رحلات سياحية مع مرشدين سياحيين إلى المحمية ‏للزوار المهتمين بمشاهدة مختلف أنواع الحياة البرية وبخاصة المها ، إضافة إلى رغبتهم في الإستمتاع ‏بالمناظر الطبيعية الخلابة .. ولتحقيق الحماية الكاملة لهذه المنطقة قامت وزارة البلديات ‏الإقليمية والبيئة وموارد المياه بسن قوانين إرشادية للسياح لضمان الحفاظ على الحياة البرية . ‏

وأدى إنشاء مركز المعلومات في (جعلوني) القريب من المحمية بمساعدة شركة تنمية نفط ‏عُمان إلى تزايد أعداد الزوار لها ، حيث يوفر هذا المركز معلومات متنوعة وقيمة عن المها ‏وغيرها من الأنواع البرية التي تتكاثر فيها في المنطقة مما يجعل زيارتها مفيدة خاصة للطلاب ‏المكلفين بإعداد دراسات بيئية في ذات المجال ، مما قد يساهم في إكتشاف معلومات جديدة ذات ‏قيمة علمية تبسط من التعامل مع هذا الحيوان النادر . ‏

وتمتاز المها العربية من الظباء المتوسطة الحجم بالتكيف مع العيش في الصحراء ، حيث ‏تستطيع أن تستغني عن الماء لفترة طويلة من خلال إمتصاصها الندى من الأشجار التي تقتات بها ‏، وتنتقي الكلأ الذي ترعاه ، فهي تأكل أنواعاً متعددة من الحشائش والأعشاب من خلال قضمها ‏الأعواد الطرية لأشجار السمر والغاف . ‏

وتقضي المها أوقات القيلولة تحت ظلال الأشجار في أثناء موسم الحر ، ولا تخرج للرعي ‏إلا في أوقات البرودة والليل ، أما في الشتاء فترعى نهاراً وتحتمي خلف الأشجار حين تهب ‏الرياح . ويساعد الفرو الأبيض الذي يكسو جسم المها على تمويهها تحت ظلال الأشجار بإمتزاج ‏اللون مع ما يحيط به ، أما حين تبحث عن المها الأخرى أو تود أن تجعل نفسها مرئية فتصعد إلى ‏قمة تل ، وبإنعكاس ضوء الشمس على الفرو يمكن رؤيتها من مسافة كيلومترات . ‏

وتنتقل المها وأفراداً أو في قطعان تتراوح ما بين 12 و 25 رأساً ، وتستطيع المها الترحال ‏بمسافات طويلة بخطوات ثابتة وتقطع ما بين 4و6 كيلومترات في الساعة ، وقد تصل مسافة ‏الترحال إلى 74 كيلومتراً كل 12 ساعة ، وتقوم كبيرة الأناث في القطيع بتحديد مسار الرحلة عبر ‏الصحراء بحثا عن كلأ طري . ‏

وتمتاز المها أيضا بقدرة التجاوب مع المعلومات التي تحملها الرياح حول الأمطار ، الأمر ‏الذي له أهمية خاصة بالنسبة لبقائها في الصحراء ، فهي عادة توسع مدى الرحلة كي تتبع ‏الأمطار وتقطع مسافات طويلة بحثاً عن أفضل ما يتوفر من الكلأ ، وغالباً ما تستقر لعدة شهور ‏في منطقة واحدة . وتلد أنثى المها أول مواليدها في الشهر الثاني والعشرين من عمرها وتلد عادة ‏مولوداً واحداً يصل وزنه ما بين 3و5 كيلوجرامات ، وفي الغالب تترك المها القطيع قبل أيام من ‏موعد الولادة ويلتحق بها أحد الذكور ، وإذا كانت الأم بحالة صحية جيدة فإنها يمكن أن تحمل ‏ثانية بعد عشرة أيام من وضع المولود ، ولكن جرت العادة أن تحمل ثانية في غضون ثلاثة أشهر ، ‏وفي الأحوال الجيدة يمكنها أن تضع مولوداً مل سنة طيلة حياتها التي تستغرق ما بين 13و19 سنة ‏، كما تستغرق فترة الحمل لدى المها 8.5 شهر . ‏






أحدث المواقع
مواقع مميزة
ولايات نشطة



تابعنا على